على ضوء القمر يسمع أهالي مورك وسلمية بحماة والمخرّم في حمص والنيرب في حلب وبعض القرى في إدلب والسويداء ودرعا طقطقةَ حبّات الفستق المنتشرة في حقولهم ويهللون لموسمٍ بادلتهم الأرض إياه بانتظار الجني، فشجرتهم التي قاومت معهم الحربَ والجفاف هي سبيلهم اليوم لتجاوز الظروف الاقتصادية الصعبة.
وتختص مورك عن غيرها من البلدات بزراعة كامل مساحة أراضيها بالفستق الحلبي لذا يبدأ مزارعوها موسمهم هذا العام بغرس 2500 شتلة من شجرتهم "الفستق الحلبي" على مساحة 200 دنم بمبادرة من تعاونية الفستق الحلبي الإنتاجية في مورك ومديرية زراعة حماه ضمن الأراضي التي تراجع فيها الإنتاج نتيجة سنوات الحرب والحرائق الأخيرة.
ولضمان انتشار وتفعيل الفكر التعاوني تعمل الأمانة السورية للتنمية مع أبناء المناطق التي تعتمد الأصناف الواحدة على تطوير اقتصاد مجتمعاتهم من خلال إنشاء التعاونيات الإنتاجية المتخصصة للتغلب على الصعوبات التي تواجه استدامة الزراعة ولدورها في البحث عن سبل لتطوير الإنتاج بالإفادة من موارد الأرض والمجهود الجماعي المشترك.
شجرة الفستق أو كما يسميها أهل مناطقها بالشجرة الذهبية لما تدّر عليهم من دخلٍ وفير، ينتظرُ مزارعوها موسمها كلَّ عام فهي ذات ربحية اقتصادية جيدة جداً سواء كثمارٍ ناضجة أو كإحدى المكونات المحببة والرئيسة في صناعة الحلويات، حيث تعتبر سورية الرابعة في إنتاج الفستق الحلبي على مستوى العالم وعادةً ما يصدّر إنتاجها لكونه مطلوباً في الأسواق الخارجية.
إلّا أن هذه الشجرة لا تشكّل مورداً اقتصادياً لمزارعيها فقط بل لها جذورٌ تاريخيةٌ عريقة إذ تنسب شجرة الفستق إلى منطقة " عين التينة" المحيطة بدمشق ويُقدّر تاريخها بحوالي 3500 عام قبل الميلاد، ويُقال "إنه من هذه المنطقة انتشرت شجرة الفستق إلى باقي أنحاء العالم ويستدلُ المؤرخون على ذلك من أعمار بعض أشجار الفستق في حلب والتي تصل لحوالي 1800عام ولهذا سمي تيمماً بها".
ورغم أن الحرب أثرّت على زراعة وإنتاج هذا المحصول ومنعت الوصول إلى مناطق زراعته إلّا أن المزارعين يعملون على زراعة مناطق أوسع وإعادة المحصول الغني رغم وجود تحدياتٍ تفرضها الظروف الاقتصادية والبيئية وعدم توفر مسلتزمات زراعية كافية تحتاجها هذه الزراعة ولهذا تسعى الأمانة السورية للتنمية لإدراج زراعة الفستق الحلبي كموروث زراعي له طقوسه وتاريخه تناقلته الأسر السورية منذ زمن وباعتباره مصدرَ دخل هامٍ ليس للأسر العاملة فقط وإنما للإنتاج الوطني بشكلٍ عام.