أقواسٌ وقبب ونوافذٌ للنور والهواء، الأسواقُ التراثية في حلب، واحدةٌ من أجمل وأعرق الأماكن في مدن الشّرق العربي، حيث تأخذك ببضاعتها وألوانها، وروائح التوابل والصابون فيها برحلة زمنية تعود إلى العام 312 قبل الميلاد، وبفضل مهارة من بنوها واستمرارها كمصدر للرزق والعمل واللقاء لآلاف الحلبيين، تمكنت من العيش طويلاً رغم أحلك الظروف التي مرت عليها وآخرها قرابة 12 سنة من الحرب وزلزال جاء على الحجارة والأرواح في هذه المدينة.
وما أن سكنت الحرب حتى حملت الأمانة السورية للتنمية مع أهالي المدينة القديمة وأصحاب المحال في أسواقها التراثية الحجر فوق الحجر لإعادة إحياء أهم المراكز التجارية في حلب، وبجهود خبراء الترميم وبالتعاون مع عشرات الشركاء من مؤسسات محلية ومنظمات دولية، فتم ترميم أسواق تراثية "الحدادين – الحبال – السقطية 1و2 – الأحمدية – خان الحرير - ساحة الفستق " والانتهاء من أعمال المرحلة الأولى لترميم سوق الخيش.
ورغم التعب الذي لحق المدينة وسكانها إلا أن الجميع لم يتوان عن الاجتماع مجدداً والعمل يداً بيد على متابعة ترميم الأسواق سواء تلك التي تضررت من الحرب أو الزلزال، فتم توثيق ورصد الأضرار التي لحقت بأسواق الأحمدية والمحمص والزرب وباب أنطاكية، وخانات الجمرك والوزير والتتون 1و2 والخيش، ووضع الخطط للبدء بترميم سوق الخيش والزرب والعبي والمرحلة الألى لترميم سوق المحمص ومدخل باب أنطاكية الرئيسي، وذلك بعد انتهاء المرحلة الأولى من ترميم قلعة حلب التي لحقت بها بعض الأضرار جراء الزلزال أيضاً.
يوماً بعد يوم تواصل حلب القديمة إثبات جدارتها بالحب والحياة، من خلال أهلها وتجارها المؤمنين بقدرتهم على التعافي من خلال إعادة إحياء أسواقهم وذكرياتهم فيها، ومصادر رزقهم.